مراكز قيادة جيش الثورة العربية على الأرض الأردنية

شكلت بعض المناطق على الأرض الأردنية مراكز قيادة تنطلق منها قوات الثورة العربية الكبرى وكما يأتي :

مركز القيادة الأول (العقبة). كانت الوجه على ساحل البحر الأحمر هي القيادة العسكرية المتقدمة التي تم فيها التخطيط لاحتلال العقبة وتم تجهيز الحملة العسكرية التي انطلقت يوم 17 ايار 1917م لتسير شمالاً إلى مدائن صالح ثم باير، وتبدأ عملها بإتجاه العقبة، والأردن هو ميدان عمليات جيش الثورة العربية الكبرى الشمالي بقيادة الأمير فيصل بن الحسين الذي انتقل من الوجه إلى العقبة بعد احتلالها واتخذ منها مركزاً لقيادته الأولى... وكانت العقبة نقطة تحول في تاريخ الثورة العربية الكبرى وذلك للأسباب الآتية:

إن العقبة هي نهاية خط التقسيم لاتفاقية سايكس بيكو في الجنوب، وإن احتلال العقبة يعني دخول العرب إلى منطقة نفوذ بريطانيا وفرنسا، مما جعل الحلفاء ينظرون إلى هذا الأمر على أنه تعدٍ على الاتفاقية وتطلب الأمر إعادة النظر في كيفية التعامل.

للعقبة قيمة تاريخية منذ عهد الأنباط والرومان والفاطميين والأمويين والعباسيين، وكذلك في عهد المماليك والعثمانيين، وهي مركز إدارة وحكم عبر التاريخ، وكانت خلال فترة الحكم العثماني مركزاً ادارياً هاماً.

العقبة ذات قيمة استراتيجية فهي مركز اتصال بين سيناء والحجاز وجنوب الأردن ومنفذ بحري هام، وتنتهي إليها الطرق والمنافذ البرية 

تبدأ من العقبة طريق البر بإتجاه وادي عربة، وطريق وادي اليتم، والمنافذ الشرقية التي يمكن الوصول من خلالها إلى المدورة.

اتخذ العرب العقبة كمركز قيادة أول لسهولة الاتصال مع قيادة الحلفاء في مصر وكبداية للانطلاق شمالاً نحو معان والطفيلة وجرف الدراويش وغيرها.

بقيت العقبة مركز قيادة للثورة العربية لفترة وصلت إلى ثلاثة أشهر، حيث غادرتها القوات العربية مع نهاية أيلول 1917م لتتجه إلى معسكر الأردن في القويرة الذي يبعد حوالي (75) كم شمال العقبة.

مركز القيادة الثاني (القويرة). وهو المركز الثاني لقيادة القوات العربية وفيه تم وضع الخطط الكاملة للزحف شمالاً وغرباً لتحرير الأرض العربية .

مركز القيادة الثالث "تلول السمنات". تلول السمنات أو تلول سمنه تقع إلى الغرب من معان، واتخذتها القوات العربية كمركز قيادة لإدارة العمليات ضد موقع معان ومحطة سكة الحديد الذي استغرق وقتاً طويلاً من الحصار .

مركز القيادة الرابع "أبو اللسن". ما يميز أبو اللسن هو أن التخطيط للتوجه شمالاً قد تم فيه، خاصة بعد عقد المؤتمر المعروف بإسم مؤتمر "أبو اللسن" العسكري والذي تقرر فيه توسيع ميدان العمليات وإعادة تنظيم الجيوش العربية بعد زيادة أعدادها.

مركز القيادة الخامس"الطاحونة والفقي". وهما منطقتان تقعان إلى الغرب من محطة الجردون، أو هي (أبي الجردان) اتخذ الأمير فيصل هذه المنطقة كمركز قيادة لعملياته العسكرية باتجاه محطة الجردون، ونحو منطقة عنيزة شمالاً ومنها تمت إدارة العمليات الاستطلاعية والاستكشافية حول معان .

مركز القيادة السادس "أوهيدة". أواهد هو يوم الاثنين عند العرب قديماً، وأما أوهيدة فهي الحفرة أو الأرض المنخفضة، وينطبق ذلك على أوهيدة المنطقة التي تقع إلى الغرب من معان حوالي (17) كم، وترتفع حوالي (1325) متراً عن سطح البحر، وتكاد أوهيدة أن تكون في القلب الذي يتوسط غرب معان، وهي الأقرب وفيها مصدر مياه غزير ومراعٍ طبيعية ذات أهمية رعوية للحيوانات المختلفة، إضافة إلى توفير الحماية الطبيعية من الجبال المحيطة بها من هنا كانت موضع اهتمام للقوات العسكرية في المنطقة وكانت قيادة حربية وإدارية وسياسية لها.

مركز القيادة السابع "الأزرق". آخر مراكز القيادة فوق الأرض الأردنية، وفيها وضعت الخطة النهائية للتقدم شمالاً نحو دمشق، وكان التنفيذ يوم 29 أيلول 1918م حيث تحركت القوات العربية إلى درعا واتجهت شمالا لتدخل دمشق يوم 1 تشـرين الأول 1918م لتبدأ مرحلة الدولة العربية الكاملة.

وبعد أن تكاملت القوات العربية في الأزرق اختيرت كمركز قيادة لبعدها عن تواجد القوات التركية وكمنطقة خلفية آمنة / وهي الطريق الأقصر إلى دمشق عبر خط الصحراء، ووصل إليها العرب من كل الأنحاء بسهولة ويسر، وحققت الأزرق أهدافاً استراتيجية في ميدان الحرب، فكان تواجد القوات العربية فيها قد أفاد في إغلاق المنطقة الداخلية أمام تحرك القوات التركية وقدَّم الحماية للجبهة الجنوبية الممتدة من الأزرق إلى درعا وحتى بحيرة طبريا .

في نهاية عام 1918م أقام الأمير الهاشمي فيصل بن الحسين حكومةً مستقلةً في دمشق ، كما طلب في مؤتمر باريس للسلام عام 1919م الاستقلال إلا أن طلبه قوبل بالرفض من قبل القوى الاستعمارية، وفي عام 1920م تولى الأمير فيصل العرش في سوريا وأخوه الأمير عبدالله منح الحكم في العراق من قبل الممثلين العراقيين ولكن الحكومة البريطانية تجاهلت رغبة وإرادة العراقيين وأصدرت عصبة الأمم المتحدة قرار الانتداب لفرنسا على سوريا ولبنان وبريطانيا على الأردن وفلسطين والعراق.

في تشرين أول 1920م قاد الأمير عبدالله بن الحسين القوات من الحجاز لاستعادة عرش أخيه في مملكة سوريا لكن الانتداب الفرنسي كان قد فُرض على سوريا، وأُجبر الأمير عبدالله على تأخير أهدافه، وركّز جهوده على إنشاء حكومة في عمان .